ياسر

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

جديد عالم العفاريت


    أنا والطالبة موضي !!! ( اقطع الاتصال واقرأ )

    أنا والطالبة موضي !!! ( اقطع الاتصال واقرأ ) Empty أنا والطالبة موضي !!! ( اقطع الاتصال واقرأ )

    مُساهمة  (selem emniem) الأحد أبريل 13, 2008 12:55 am

    القصة للدكتور : محمد الحضيف
    --------------------------------------------------------------------
    الساعة تقترب من الثامنة حينما استيقظت ..
    لقد تأخرت ...
    قلتها .. وأنا أصر أسناني غيظا ، من المنبه .. الذي يخذلني في كل مرة ...
    نفضت الشرشف عن جسمي ، وقفزت من فراشي . الربع ساعة التي أمضيها عادة في الاستعداد ، اختصرتها إلى خمس دقائق . ركبت السيارة وانطلقت ..
    كل شئ اختصرته .. إلا السرعة ، فإنها قد تضاعفت . يجب أن أصل ، ولو أدركت نصف الاجتماع . كان ذهني مشغولا بحساب عدد التقاطعات المتبقية ، حتى أصل إلى الطريق السريع ، عندما دوى ارتطام ، عنيف في الجانب الأيمن من مؤخرة سيارتي ، وع** اتجاهها تماما .
    حينما استعدت توازني ، بعد مفاجأة الصدمة ، كانت أشلاء سيارتي متناثرة أمامي ، ولمحت من بعد ، السيارة التي صدمتني تلوذ بالفرار .. قلت في نفسي :
    سيارة فخمة .. لماذا يهرب صاحبها ، ورفرف من رفارفها يعادل قيمة سيارتي ..؟
    لم أحتج لتفكير طويل ، لكي أقرر أن أطارده وأنسى الاجتماع . الصدمة قوية ، والتلفيات في سيارتـي كبيرة ، وأنا لا أستطيع أن أتحمل خسائر بهذا الحجم .. الاجتماع يمكن أن يعوض . هكذا حدثت نفسي ، وأنا أنطلق وراءه بنصف سيارة تقريبا .
    كان مرتبكا ، لذلك لحقته بسرعة ، وبدأت مطاردة غير متكافئة بين سيارته الفارهة ، والـ (نصف) المتبقي من سيارتي . شعر أني مدركة .. لا محالة ..
    فأنا صاحب حق ، والوضع الذي آلت إليه سيارتي ، لم يبق لي شيئا أخسره .
    عند أحد المنعطفات خفض من سرعته كثيرا . لاحظت ذلك ، من نور الكوابح الذي ظل مضاء أطول من كل مرة . لقد استسلم .. قلت لنفسي ، وبدأت آخذ وضع الاستعداد للوقوف .
    فجأة .. رأيت باب الراكب الذي بجانبه يفتح ، ولاحظت أنه يميل ، ويدفع (شيئا) إلى الخارج .. ثم أعقب ذلك صريخ عال لعجلات سيارته يصم الآذان ، وهو ينطلق بسرعة عاليه ، تاركا المكان ممتلئا برائحة احتراق الإطارات ، إثر احتكاكها الهائل بالأرض .
    حينما فتح الباب .. وقذف بذلك (الشئ) ، كان أول ما سقط حقيبته .. ثم شيئا ملتفا بقماش أسود .. كأنه ..
    يا إلهي .. امرأة .. بل فتاة ..
    هكذا صرخت ، وأنا أتقدم ببطء تجاه ذلك (الشئ) ، الذي قذف من السيارة .
    نهضت .. وأخذت تنفض الغبار الذي علق بعباءتها ، وتتراجع ملتصقة بالجدار . حينما اقتربت منها ، أخذت تبكي ، وهي تلملم أطراف (مريولها) الذي تم** ، إثر سقوطها من السيارة .
    طالبه ..
    قلتها ، وأنا أنظر إلى مريولها ، وأغراضها المدرسية التي تناثرت من حقيبتها ..
    وقفت قريبا منها ، وصرت أسمع بكاءها ، وحشرجة صوتها وهي تقول :
    - أرجوك .. أرجوك .. أستر علي ، الله يخليك .. لا تفضحني ..
    لم أدر ماذا أصنع . شعرت بارتباك وحيرة شديدة .. وتعطلت قدرتي على التفكير . الموقف يبعث على الريبة : أنا .. وفتاة .. على ناصية الشارع . ثوبها مم** ، وأغراضها مبعثرة على الأرض .. قلت لها .. بعد تردد ، دون أن أحدد ما هي خطوتي التالية :
    - اركبي .. سأوصلك إلى بيت أهلك ..
    صاحت ، بهلع :
    - لا .. لا أريد بيت أهلي .. ستذبحني أمي .. أرجوك ..
    كان يجب أن أتصرف بسرعة ، خاصة وأن المشهد أصبح ملفتا للنظر .
    السيارات المارة ، صار أصحابها يحدقون بنا ، وكاد فضول بعضهم يدفعه للتوقف .
    - اركبي الآن .. ونتفاهم فيما بعد .. في المقعد الخلفي لو سمحت ..
    شرعت أجمع أغراضها ، التي تناثرت من حقيبتها المدرسية .. ثم عدت أدراجي إلى السيارة ..
    لم تكن قد ركبت ..
    - لماذا لا تركبين ..؟
    الباب لا ينفتح ..
    - تعالي إلى هذا الباب ..
    ألقيت نظرة إلى داخل السيارة ، كان حطام الزجاج يملأ المقاعد الخلفية ..
    - أووف .. لا باس .. اركبي في المقعد الأمامي ..
    ركبت ، وحينما أستوت على المقعد ، أخذت تجمع عباءتها ، لتغطي بها (مريولها) المم**، الذي أنشق عن ساقها إلى أعلى ركبتها بقليل . لمحت كفها .. بيضاء صغيرة ، خمنت أنها لا تزيد عن الخامسة عشرة . - تدرسين ..؟
    - نعم ..
    - في أي صف ؟
    - الثالث متوسط ..
    كان ظني في محله .. لون مريولها يشبه لون مريول شقيقتي ، التي تدرس في نفس المرحلة .
    وش اسمك ..؟
    - موضي ...
    كنت أسير بالسيارة على غير هدى ، وطاف في رأسي كثير من الأفكار :
    أسلمها للهيئة .. أرجعها إلى بيت أهلها .. أعيدها للمدرسة .. أنا قطعا لا أستطيع أن أبقيها معي ..
    سألتها :
    - موضي .. من هذا الذي كنت معه ..؟
    لم ترد على سؤالي .. ولا أدري تحديدا لم سألتها . كنت أريد أن اختلق حوارا ، لأصنع جوا من الثقة ، يساعدني في فهم ملابسات أمرها .. ويمهد الطريق إلى قلبها ..
    القلـوب المغلقة مثل دهاليز الاستخبارات .. مرتع خصب للخوف .. والتوجس .. والشك .. والريبة .. الساعة الآن تجاوزت التاسعة والنصف .. الوقت يمضي ، وأمامي أعمال كثيرة يجب أن أؤديها ..
    حين فشلت محاولتي لاستدراجها للكلام ، رأيت أن احسم الموضوع مباشرة .. قلت لها :
    - موضي يجب أن تختاري بين أمرين .. أسلمك للهيئة ، أو أوصلك لبيتكم .. بقاؤك معي غير ممكن .. كما أن أهلك لابد أن يعرفوا عن سلوكك ..
    انفجرت باكية ، وبطريقة تنم عن سلوك طفولي حقيقي ، رفعت غطاء وجها ، وهي تتوسل إلي بعينين دامعتين ، أن لا أفعل ...
    - أرجوك ... اذبحني .. لكن لا تسلمني للهيئة .. لا (توديني) لبيتنا .. والله هذي أول مرة أطلع فيها مع رجال .. ضحكت علي البندري ...
    أشفقت على ذلك الوجه الطفولي البرئ . قلت لها ، وأنا أسحب يدي من يديها ، وهي تحاول أن تجرها لتقبلها ، رجاء أن لا أسلمها للهيئة ، أو لأهلها :
    - طيب .. طيب .. خلاص .. لن أسلمك لأحد .. لكن ما العمل ..؟
    - إذا جاء وقت طلوع الطالبات .. أنزلني عند المدرسة ..
    - متى ..؟
    - الساعة الواحدة .. بعد صلاة الظهر ..
    - بقي أكثر من ثلاث ساعات .. وأنا مشغول ..
    أطرقت لحظات ، تعاقب خلالها على وجهها انفعالات من كل نوع .. الرهبة .. القلق .. الخوف من المجهول .
    ثم نظرت إلي بعينين فارغتين تماما من أي بريق .. وقالت :
    - نزلني عند المدرسة ..
    - وبعدين ..؟
    - أنتظر .. وإذا طلعوا الطالبات .. أروح لبيت أهلي ..
    شعرت في أعماقي بحزن شديد لهذه البراءة الساذجة . هي بالتأكيد ليست من ذوات السلوك المنحرف المتمرسات .. ولا تعي خطورة الذي تقوم به .. ولا عاقبة تصرفاتها ..
    - أنت صاحية .. تقعدين في الشارع ثلاث ساعات ..؟
    لم ترد بشئ ، لكن الفضول دفعني لأن أسألها عن مكان مدرستها ، لأستدل من ذلك على اسم الحي الذي يسكنه أهلها ...
    - أين مدرستك يا موضي ..؟
    - في حي الأمل ..
    حي الأمل ..؟
    شعرت بمثل المسمار يخترق قلبي ..
    هذا من المضحكات المبكيات . ما أكثر ما نسمي الأشياء بغير حقيقتها .. ما أكثر ما نزيف المعاني .. والواقع .. والأحلام ..
    هذا أفقر أحياء الرياض .. لو سموه (حي اليأس) .. أو البؤس .. أو التعاسة .
    الأمل ..؟ إن كان فيه للأمل بصيص .. فوجود هذه الزهرة فيه .. هذا الكائن الطفولي الذي تتعرض البراءة فيه للاغتيال .. تداعت إلى ذهني الصور والمعلومات التي لدي عن حي (الأمل) ، وحاولت أن أفهم العلاقة بين تلك السيارة الفخمة وحي (الأمل) ، حيث تقيم موضي . لا يمكن أن يكون صاحب تلك السيارة يقيم في ذلك الحي ..
    لسبب بسيط هو أن ثمنها يعادل قيمة خمسة من (جحور) ذلك الحي ، التي يطلق عليها مجازا .. (منازل) .. كما أن سيارته ستجد صعوبة في اختراق زواريب ذلك الحي ، الذي لا يتسع أحدها ، إلا لمرور سيارة واحدة صغيرة .. ولأن سكان ذلك الحي كذلك .. غالبا ما يتسببون بإغلاق الشوارع ، بإيقاف سياراتهم بطريقة خاطئة ، لا تتحملها هذه الطرق ، الضيقة أصلا .
    ماذا يكون ...؟
    إنه .. أحدهم ..
    إنه فجور المترفين ، إذ يتربص بعوز المحرومين .. وحرمـان البؤساء ، ليطلق غرائزه .. تفتك بإنسانية البسطاء .. وتفترس الشرف ، والكرامة ..
    أعرف هذا الحي . جئته في أحد المساءات ، قبل عام تقريبا ، بصحبة صديق ملتزم ، من الناشطين في الأعمال الخيرية التطوعية .. لتوزيع صدقات عينيه ومالية .
    لا أدري كيف أقنعنـي عبدالكريم أن آتي معه . فأنا رغم تعاطفي مع حالات البؤس الإنساني ، إلا أنني سلبي جدا في التعاطي معها . أحتاج إلى وقت طويل ، لأتفاعـل مع الحدث ، أو الحالة ، وأحتاج لوقت مثله ، لأترجم التفاعل إلى فعل ..
    لم تكن المرة الأولى التي يعرض علي عبدالكريم فيها مرافقته ، للقيام بمهمات من هذا النوع ، وكنت في كل مرة ، أتذرع بحجة مختلفة . لكني أتذكر ، أنه في تلك المرة استفزني .. وسخر من (الإنسان) البليد ، الجامد في داخلي ، كما قال :
    - هل تريد أن ترى البؤس يمشي على قدميه .. هل تريد أن تستعيد شيئا .. شيئا فقط ، من إنسانيتك المهدرة ، بين كلام مجرد عن المثل والأخلاقيات ، التي لم تجد لها رحما تتخلق فيه .. لتولد .. وتشب .. وتكبر .. وتمنح الحياة ، لكائنات لم تعرف معنى للحياة منذ خلقت ..
    وبين سلوك استهلاكي بشع ، حولتك الرأسمالية المتوحشة من خلاله ، إلى (آلية) من آليات السوق .. أنت في قوائم التحليل الاقتصادي ، عند (آدم سميث) ، وتلامذته .. رقما .. آلية .. قدرة شرائية .. أنت باختصار .. (لا إنسان) ..
    دع عنك الهمهمة المعتادة :
    "الله لا يؤاخذنا صرفنا واجد اليوم" ..
    اليوم .. وكل يوم .. أنت تفعل الشئ نفسه .. تتقمص نفس الدور المسخ .. (آلية) ..
    كأني بك مسرورا ، وهم ينادونك : MR. MARKET MECHANISM
    اليوم .. وكل يوم .. أنت تمارس بسادية ، وأد الإنسان في داخلك .
    تعـال معي لتستعيد إنسانيتك ، حينما يفجرها الألم .. لمشهد الحرمان .. الـذي يصنعـه الفقر ..
    تعال لترى الإنسان عند نقطة الصفر .. كيف هو ..
    أتعلم ماذا يكون الإنسان عند نقطة الصفر .. ؟
    تستلب الحياة من كل شئ فيه .. إلا عينيه ..
    أتعلم ماذا يكون الإنسان عند نقطة الصفر ..؟ الكلمات في قاموسه ليس لها أضداد .. أنت تعرف السعادة .. وربما سمعت عن الشقاء ، هو لا يعرف إلا الشقاء .
    أنت تعرف شيئا اسمه الحزن .. والفرح ، هو لا يعرف إلا الحزن ..
    أنت تعرف الشئ ونقيضه ، بدرجات متفاوتة .. هو يعرف الكلمة وحدها .. بمعناها السلبي فقط .. بدون أضدادها ، وبأقصى درجاتها قسوة ..
    البؤس .. والعجز .. والحرمان .. والألم .. والعري .. والجوع ..
    استفزني عبدالكريم بكلامه ، واستثار التحدي عندي ، فقررت أن أذهب معه .. لأرى هذه (البيئة) التي سوف تعيد خلق الإنسان في داخلي ، كما يقول ، ولأتأكد إذا ما كان ذلك (الإنسان) الجامد البليد موجودا ..
    كنت أتنقل مع عبدالكريم ، من بيت إلى بيت ..
    كنت معه في سباق مع الألم ..
    في كل مرة يغرس نصلا ..:
    أترى هذا الطفل .. لا يملك إلا ثوبا واحدا .. إذا عاد من المدرسة خلعه .. وخرج إلى الشارع ، يلعب بسروال فقط .. أتدري لماذا ؟ .. ليس لغزا ..
    ولا رياضة ذهنية ..
    إنه لا يملك غيره .. ويجب أن يبقى نظيفا .. حتى يستطيع أن يذهب به من الغد إلى المدرسة .
    لم ينتظر مني تعليقا ..
    في بيت آخر ..
    - أرأيت هذه الطفلة .. تم سحبها من المدرسة بعد أن وصلت الصف الرابع ..
    لا .. أهلها ليسوا ضد تعليم البنات .. لكنهم اضطروا لذلك ، لأن شقيقها وصل سن الدراسة .. وليس لديهم القدرة على الصرف إلا على (دارس) واحد .. فكان الولد ..
    من منزل لآخر ..
    حتى استغرقنا النصف الأول من الليل .. كنت لا أسمع .. إلا :
    أرأيت .. أرأيت ..
    كان عبدالكريم ، وهو يتجول بي من بيت لبيت .. يفتح أمامي أبواب الحزن والبؤس .. على مصاريعها .. ويوقفني على مشاهد للحرمان .. ويسكب في عيني ألما ..
    - توصلني قريب من مدرستي .. لو كلفت عليك ..؟
    أتى رجاؤها مخنوقا .. ممزوجا بالخوف ، ليقطع علي سلسلة الصور التي تداعت إلى ذهني عن حي الأمل ، وما بقى من آثار تجربه إعادة اكتشاف الإنسان البليد الجامد، المغموس بالتفاهات ، الموجود في داخلي ...
    - لا ... تبقين معي إلى وقت الخروج من المدرسة .. ثم أوصلك ..
    غمرها شعور بالسكينة ..
    لاحظت ذلك وأنا أرى صدرها يهبط .. ثم تطلق نفسا عميقا ، دفع غطـاء وجهها إلى الأمام ..
    أخذت أقلب الأفكار فيما أفعله ، لأخرج من هذا المأ** الذي وقعت فيه . الواقع المزري لحي الأمل كان
    حاضرا ، وأنا أبحث عن حل يتجاوز .. أن (أتخلص) أنا ، من (ورطة) موضي ..
    كنت أريد حلا لها هي ، حتى لا تعود لنفس الطريق . من السهل أن (أرميها) ، كما تقول ، قرب مدرستهـا ، لتذهب لبيت أهلها ، وسوف تجد إجابة تقنع بها أمها ، عن سبب تم** (مريولها) .
    أشعر أني غير قادر على الخروج بشيء ذي بال .. في موضوعها . هل يملك (رجال الهيئة) حلا يعطي التجاوز فرصة ، ويوفر علاجا جذريا ..
    لو أني لجأت إليهم ..؟
    ماذا لو اتصلت عليهم لطلب الاستشارة فقط ..؟
    مرت دقيقة أو أكثر ، والأفكار تطوح بي يمينا وشمالا ، قبل أن يقطع تفكيري صوت بكائها. توهمت في البداية أنها سمعتني ، وأنا أحدث نفسي حول الاتصال بالهيئة . التفت إليها ، كانت قد وضعت وجهها بين كفيها وتنتحب ...
    - ما بك يا موضي ..؟
    قالت بصوت يقطعه البكاء ..
    - كيف أشكرك .. (وشلون) أشكرك ..؟
    لم يكن بكاؤها عن سبب ، كانت تفرغ شحنة عاطفية مكبوتة ..
    منذ الصباح ، وهي تراكم هما .. وخوفا .. وإحباطا .. وعجزا .. وقلقا .. وتنتظر أملا .. حين اقتربت من مقر عملي ، قلت لها :
    - موضي .. سأنزل هنا .. لدى أمور سأنجزها .. قد يحتاج ذلك ساعة أو أقل . سأقف هنا .. المكان آمن .. سأترك مكيف السيارة مفتوحا . أبق الأبواب والزجاج مغلقة ..
    لا تفتحي لأي إنسان ، مهما كانت الأسباب .. ولا تغادري السيارة أبدا . سأترك جوالي معك .. اتصلي على هذا الرقم عند أي طارئ .. ولا تردي على أي اتصال .
    كنت أهم بالنزول ، عندما قالت :
    - خذ الجوال .. أنا لا أعرف كيف استخدم الجوال .. هذه أول مرة في حياتي .. أرى فيها جوالا ... توقفت للحظة ، قبل أن آخذ منها الجوال ، الذي بقى في يدها الممدودة .. وشعرت بمثل حد السكين يحز في أعماقي .. وتداعت إلى ذهني قصة (ولد البسام) .. والصدى يجلجل في تلك المساحات الفارغة ، في قطعة اللحم التي تدعي مجازا (قلبا) :
    "هذه .. أول مرة .. في حياتي .. أرى فيها .. جوالا ..."
    .. يا لبلادة المترفين ...
    التقطت منها الجوال ، والمرارة .. والشعور بالإحباط .. وغياب (الإنسان) ، ترغم شفتي على الانفراج ، لتصنعا شيئا يسمونه (ابتسامة) ...
    - ليه تضحك .. ما أنت مصدقني ..؟
    - مصدقك .. والله يا عمري ..
    - أجل ليه تضحك ..؟
    - أضحـك على الإنســان البليد في داخلي .. الرقم .. العينة المسحية في أبحاث السوق ..
    - ما فهمت ...
    - تفهمين بعدين ...

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد نوفمبر 24, 2024 9:08 am